-->
U3F1ZWV6ZTIwMjU4MzgxOTMzMTAyX0ZyZWUxMjc4MDczOTA4MzAwOQ==
اعلان

المتحف المصري الكبير

المتحف المصري الكبير





المتحفُ المصريُّ الكبيرُ 




يُعَدُّ المتحفُ المصريُّ الكبيرُ (The Grand Egyptian Museum) أحدَ أضخمِ

 المشاريعِ الحضاريّةِ والثقافيّةِ في القرنِ الحادي والعشرين، وهو صرحٌ فريدٌ يُجسِّدُ عراقةَ

 الحضارةِ المصريّةِ القديمةِ وامتدادَها عبرَ الزمانِ والمكانِ. ويقعُ المتحفُ في منطقةِ

الجيزة على مقربةٍ من أهراماتِها الشهيرةِ، في موقعٍ استراتيجيٍّ يربطُ بين الماضي المجيدِ

 والمستقبلِ الواعدِ.

*النشأةُ والفكرةُ :

انبثقت فكرةُ إنشاءِ المتحفِ المصريِّ الكبيرِ في تسعينياتِ القرنِ الماضي، حين أدركت

 الدولةُ المصريّةُ ضرورةَ إقامةِ متحفٍ حديثٍ قادرٍ على استيعابِ الكمِّ الهائلِ من الآثارِ

 المصريّةِ القديمةِ، والتي تجاوزت قدراتِ المتحفِ المصريِّ القديمِ بالتحرير. وفي عامِ

 ٢٠٠٢م أُعلِنَ عن المسابقةِ العالميّةِ لتصميمِ المتحفِ، ففازَ بها مكتبُ الهندسةِ المعماريّةِ

 الإيرلنديّ (هينغان بينغ)، لما امتازَ به تصميمُه من انسجامٍ بين الحداثةِ والروحِ المصريّةِ

 الأصيلةِ.

*العمارةُ والتصميمُ :

جاءَ تصميمُ المتحفِ المصريِّ الكبيرِ على هيئةِ مثلّثاتٍ متداخلةٍ تستلهمُ شكلَ الأهراماتِ

 المجاورةِ، وتُعبِّرُ عن فكرةِ الخلودِ التي سادت في الفكرِ المصريِّ القديم. ويُغطَّى واجهتُه

 الأماميّةُ الضخمةُ بزجاجٍ نصفِ شفافٍ ذي لونٍ رمليٍّ يُحاكي لونَ الصحراءِ المصريّةِ.


ويمتدُّ المتحفُ على مساحةٍ تُقدَّرُ بنحوِ خمسمئةِ ألفِ مترٍ مربّعٍ، منها أكثر من مئةِ ألفِ مترٍ

 مخصَّصةٌ لقاعاتِ العرضِ، ليكونَ بذلك أكبرَ متحفٍ في العالمِ يُخصَّصُ لحضارةٍ واحدةٍ.

*المقتنياتُ والكنوزُ الأثريّةُ :

يضمُّ المتحفُ المصريُّ الكبيرُ أكثرَ من مئةِ ألفِ قطعةٍ أثريّةٍ تُغطّي مختلفَ العصورِ

 المصريّةِ القديمةِ، من عصورِ ما قبل التاريخِ إلى العصرِينِ اليونانيِّ والرومانيّ. ومن

 أبرزِ معروضاتِه:

  • مجموعةُ الملكِ توت عنخ آمون :الكاملةُ، والتي تُعرضُ للمرّةِ الأولى مجتمعةً منذ

  • اكتشافِ مقبرتِه في وادي الملوك عامَ ١٩٢٢م.

  • تمثالُ رمسيس الثاني الضخمُ، :الذي استُقبلَ في بهوِ المتحفِ الرئيسيّ استقبالًا مهيبًا

  •  بعد نقله من ميدانِ رمسيس في القاهرةِ عامَ ٢٠٠٦م.

  • قاعاتُ المومياواتِ الملكيّةِ :التي تُعرَضُ فيها المومياواتُ بطريقةٍ علميّةٍ حديثةٍ تراعي معاييرَ الحفظِ والترميمِ.

كما يضمُّ المتحفُ مركزًا عالميًّا للترميمِ يُعَدُّ من أكبرِ مراكزِ الترميمِ في العالمِ، حيثُ تُعالَجُ

 فيه القطعُ الأثريّةُ باستخدامِ أحدثِ التقنياتِ العلميّةِ.

*الهدفُ والرؤيةُ الحضاريّةُ :

لا يقتصرُ دورُ المتحفِ المصريِّ الكبيرِ على عرضِ الآثارِ فحسب، بل يُرادُ له أن يكونَ

 مركزًا عالميًّا للحوارِ بين الثقافاتِ، ومنارةً علميّةً وبحثيّةً تُعزِّزُ وعيَ الزائرِ بقيمةِ التراثِ

 الإنسانيّ. وقد رُوعي في تصميمِه أن يكونَ وجهةً سياحيّةً متكاملةً تضمُّ مرافقَ خدميةً

 وثقافيّةً وترفيهيّةً، مثلَ قاعاتِ المؤتمراتِ والمكتباتِ والمطاعمِ والمناطقِ التجاريّةِ.

*الافتتاحُ والتطلّعاتُ المستقبليّةُ :

من المُتوقَّعِ أن يُمثِّلَ الافتتاحُ الكاملُ للمتحفِ حدثًا عالميًّا فريدًا يُعيدُ لمصرَ موقعَها الرياديَّ

 في مجالاتِ السياحةِ والثقافةِ والحضارةِ. ويُنتظرُ أن يجذبَ المتحفُ ملايينَ الزوّارِ سنويًّا

 من مختلفِ أنحاءِ العالمِ، ليعيشوا تجربةً استثنائيّةً تُحاكي رحلةَ الإنسانِ المصريِّ القديمِ

 عبرَ آلافِ السنين.إنَّ المتحفَ المصريَّ الكبيرَ ليس مجرّدَ مبنى لعرضِ الآثارِ، بل هو

 رسالةٌ حضاريّةٌ خالدةٌ تُؤكِّدُ أنَّ مصرَ ما زالت — كما كانت دائمًا — مهدَ التاريخِ،

 ومصدرَ الإلهامِ الإنسانيِّ عبرَ العصورِ. فهو يربطُ الماضي بالحاضرِ، ويُطلِعُ العالمَ على

 عظمةِ الإنسانِ المصريِّ الذي بنى، وخلّد، وتركَ بصمتَه في سجلِّ الخلودِ الأبديّ.

*الأبعادُ الثقافيّةُ والعلميّةُ للمتحفِ المصريِّ الكبيرِ :

يُجسِّدُ المتحفُ المصريُّ الكبيرُ فلسفةً جديدةً في التعاملِ مع التراثِ الإنسانيِّ، تقومُ على

 المزجِ بين العلمِ الحديثِ والهويةِ التاريخيّةِ

  فهو  ليس مكانًا ساكنًا لعرضِ المقتنياتِ الأثريّةِ فحسب، بل هو منظومةٌ متكاملةٌ تُسهمُ

 في تنميةِ الوعيِ الثقافيِّ لدى الأجيالِ الجديدةِ، من خلالِ الجمعِ بين التعليمِ والترفيهِ

 والتكنولوجيا الحديثة.

وقد صُمِّمَت قاعاتُ العرضِ بحيثُ تُقدِّمُ تجربةً تفاعليّةً شاملةً؛ إذ يمكنُ للزائرِ أن يتجوّلَ

 بين المعروضاتِ باستخدامِ تقنيّاتِ الواقعِ المُعزَّزِ

 والواقعِ الافتراضيِّ، ما يُتيحُ له رؤيةَ تفاصيلِ القطعِ الأثريّةِ بطريقةٍ لم تكنْ مُمكنةً من قبلُ.

 كما تُقدَّمُ شروحٌ بعدةِ لغاتٍ لتسهيلِ الفهمِ على الزائرينَ من مختلفِ أنحاءِ العالمِ.

المتحفُ كمركزٍ عالميٍّ للبحثِ والترميمِ

يضمُّ المتحفُ واحدًا من أكبرِ مراكزِ الترميمِ والأبحاثِ الأثريّةِ في الشرقِ الأوسطِ، وهو

 مُجهَّزٌ بمعاملَ متخصِّصةٍ في معالجةِ الأخشابِ

 والمعادنِ والمنسوجاتِ والبرديّاتِ. ويعملُ فيه عددٌ كبيرٌ من العلماءِ والخبراءِ المصريّينَ

 والدوليّينَ، الذين يُسهمونَ في صيانةِ التراثِ الإنسانيِّ وحفظِه للأجيالِ القادمةِ.

كما يُعدُّ المركزُ منصّةً للتدريبِ والتعاونِ الدوليِّ في مجالِ علومِ الآثارِ، ويُقدِّمُ برامجَ

 تعليميةً للطلابِ والباحثينَ في مجالاتِ الترميمِ،

 والحفظِ، وإدارةِ المتاحفِ، وعلمِ المصريّات.

*الأثرُ الاقتصاديُّ والسياحيُّ للمتحفِ :

يُتوقَّعُ أن يكونَ للمتحفِ المصريِّ الكبيرِ أثرٌ اقتصاديٌّ بالغُ الأهميّةِ على قطاعِ السياحةِ

 المصريّةِ، إذ سيُسهمُ في جذبِ ملايينِ الزوّارِ

 سنويًّا، ما يُنعِشُ الاقتصادَ الوطنيَّ ويدعمُ الصناعاتِ الثقافيّةَ والتراثيّةَ المحيطةَ به.


كما تمَّ تطويرُ البنيةِ التحتيّةِ في منطقةِ الأهراماتِ لتتكاملَ مع المتحفِ الجديدِ، بما في ذلك

 إنشاءُ فنادقَ ومناطقَ خدماتٍ ومشروعاتُ نقلٍ حديثةٌ تيسيرًا لحركةِ الزوّارِ.

*البُعدُ الرمزيُّ والإنسانيُّ :

إنَّ المتحفَ المصريَّ الكبيرَ ليس مجرّدَ مشروعٍ حضاريٍّ محليٍّ، بل هو رمزٌ للذاكرةِ

 الإنسانيّةِ المشتركةِ. فالحضارةُ المصريّةُ القديمةُ

 لم تكن حضارةً مغلقةً، بل أسهمت في بناءِ الفكرِ الإنسانيِّ في مجالاتِ الفلسفةِ، والعمارةِ،

 والطبِّ، والرياضياتِ، والفنونِ. 

 هذا المتحفِ، تُعيدُ مصرُ تقديمَ نفسها للعالمِ بوصفِها حاضنةَ التاريخِ وموئلَ الإبداعِ

 البشريّ.

ويمثّلُ المتحفُ دعوةً للتأمّلِ في مسيرةِ الإنسانِ عبرَ العصورِ، وتذكيرًا بأنَّ التقدُّمَ الحقيقيَّ

 لا يتحقّقُ إلا بحفظِ الجذورِ واحترامِ الماضي،

 لأنَّ الحضاراتِ لا تبقى بآثارِها الماديّةِ فحسب، بل بما تُخلِّفه من قيمٍ إنسانيّةٍ ومعانٍ روحيّةٍ

 خالدةٍ.

إنَّ المتحفَ المصريَّ الكبيرَ يُعَدُّ درّةً فريدةً في تاجِ الحضارةِ المصريّةِ الحديثةِ، وعنوانًا

 لقدرةِ المصريّينَ على الجمعِ بين الأصالةِ

 والتجديدِ. ومن خلالِه تُرسِلُ مصرُ رسالةً إلى العالمِ مفادُها أنَّ الهويةَ لا تُحافَظُ عليها

 بالتقوقعِ، بل بالانفتاحِ والإبداعِ والاستثمارِ في التراثِ الإنسانيِّ.

فهذا المتحفُ، بما يحويه من كنوزٍ فنيّةٍ وتاريخيّةٍ، وبما يُقدِّمه من رؤيةٍ علميّةٍ متقدّمةٍ، يُمثِّلُ جسرًا بين الماضي المجيدِ والمستقبلِ

 المشرقِ، ومرآةً تُظهِرُ للعالمِ أنَّ مصرَ لا تزالُ — كما كانت منذ فجرِ التاريخِ — أُمَّ

 الحضارةِ ومصدرَ النورِ الإنسانيّ.












بقلم /الكاتبة سيدة حسن 





تعديل المشاركة Reactions:
author-img

الكاتبه سيده حسن

انا سيدة حسن محررة وكاتبة صحفية وصاحبة تلك المدونة اعشق الكتابة بمعني أدق الورقة والقلم وسماع القصص والحكايات
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة